الأحد، 20 نوفمبر 2016

سورة مريم3

تفسير سورة مريم 29 قصة مريم عليها السلام: 
قال تعالى: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ، قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ، سُبْحَانَهُ، إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ * وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ، هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ، فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ * أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا، لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ، وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ *) [سورة: مريم - الآية: 29-40].

(فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ) أي إلى عيسى، كأنّها تقول: كلموه، (قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) أي من هو صبي في المهد، والمهد حجر أمه أو سريره، وكان هنا لا تدل على الماضي (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ) أي الإنجيل (وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا) أي نفاعا للناس، ومن نفعه إبراء الأكمه والأبرص (أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ) أي أمرني بِهما أمر مؤكدا (مَا دُمْتُ حَيًّا) (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي) أي وجعلني بارا لها مطيعا (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) أي جبارا مستكبرا عن عبادته وطاعته وعن بر والدتي فأكون شقيا بذلك، (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) السلام الأمان والسلامة من كل الآفات (ذَلِكَ) أي الذي فصل نبؤُه وذكرت نعوته (عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) (قَوْلَ الْحَقِّ) وقرأ الجمهور "قولُ"، أي الذي قصصنا عليك يا محمد من خبر عيسى هو الحق لا سواه (الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) أي يشكون أو يتنازعون، أي المبطلون والمحقون ممن آمن به وكفر به، (مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ) أي ما استقام ولا صح ذلك، وفيه رد على النصارى (سُبْحَانَهُ) تنْزيه له سبحانه عما قالوه (إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ) بمعنى كيف يتخذ ولدا وهو غني، فاتخاذ الولد من علامات الحاجة والنقص (وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) أي طريق التوحيد (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ) أي من اليهود والنصارى، أي وقع الاختلاف بينهم، مع أن الحق ظاهر مفصل في كتبهم (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) أي من شهود أهواله، أو من شهادته عليهم بما اقترفوه (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا) ما أسمعهم وما أبصرهم في ذلك اليوم حيث لا ينفعهم ذلك (لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) أي بُعد ظاهر عن الحق، حيث غفلوا عن الاستماع والنظر بالكلية، ووضع الظاهر موضع المضمر للتنبيه على أنَّهم ظالمون لأنفسهم (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) أي يوم يتحسر الظالمون على ما فرطوا في جنب الله (إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) أي فُرغ من الحساب وذهب أهل الجنة إلى منازلهم وذهب أهل النار إلى منازلهم، روى الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي مناد: يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه؛ ثم ينادي: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيُذبح، ثم يقول: يا أهل الجنة، خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ "وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون" (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) أي في الدنيا، أي هم في غفلة عما ينتظرهم من سوء العاقبة (وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ) فلا ملك لأحد غيرنا ولا حكم لأحد سوانا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق