تفسير
سورة مريم 41 ذكر إبراهيم عليه السلام:
قال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ،
إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ
تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ
إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ
صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ
كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ
مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ
آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ، لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي
مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ، سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي
حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي
عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا * فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا
يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ، وَكُلًّا
جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا، وَجَعَلْنَا لَهُمْ
لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا *) [سورة:
مريم - الآية: 41-50].
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ) أي اتلُ على قومك قصته (إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا) أي ملازم الصدق نبيا من أنبيائه (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ
تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ) أي من الأصنام (وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا) أي لا ينفعك ولا يدفع عنك ضررا (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ
الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ) أي وإن كنت أصغر منك (فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا) أي طريقا مستقيما موصلا إلى نيل المطلوب والنجاة من
المكروه (يَا أَبَتِ
لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ) لأن عبادة الأصنام هي عبادة له، لأنه هو الآمر بها (إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ
عَصِيًّا) أي مخالفا
مستكبرا عن طاعة ربه، فطرده وأبعده، فلا تتبعه فتصيرَ مثله؛ (يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ
عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا) أي قريناً تليه ويليك في العذاب، (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا
إِبْراهِيمُ، لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ) لئن لم تنته عما أنت عليه من النهي عن عبادتها والدعوة
إلى ما دعوتني إليه لأرجمنك بالحجارة (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) معطوف على مقدر، أي: أي فاحذرني واتركني دهرا طويلا (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ) لا ينالك مني مكروه ولا أذى، وذلك لحرمة
الأبوة (سَأَسْتَغْفِرُ
لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) لطيفا، يستجيب دعائي ويهتم بأمري، حيث هداني لعبادته
والإخلاص له، (وَأَعْتَزِلُكُمْ
وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ) أجتنبكم وأتبرأ منكم ومن آلهتكم التي تعبدونها (وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ
بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا) خائباً
ضائع السعي (فَلَمَّا
اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ
وَيَعْقُوبَ) أي ابنه
إسحاق وابن ابنه يعقوب بن إسحاق (وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا) أي كل واحد من إسحق ويعقوب أو هما
وإبراهيم (وَوَهَبْنَا
لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا) النبوة
أو ما هو أعم منها من خيري الدنيا والآخرة (وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) أي ذكرا وثناء فيمن بعدهم، وإضافته إلى
الصدق ووصفه بالعلو للدلالة على أنهم أحقاء بما يثنون عليهم وإن محامدهم لا تخفى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق