الجمعة، 21 أكتوبر 2016

سورة مريم 2

تفسير سورة مريم 16 قصة مريم عليها السلام: 
قال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ، وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا، وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ، قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا * فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا، فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا، فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ، قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا *) [سورة: مريم - الآية: 16-29].

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ) أي نبأها وقصتها، خطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) أي انعزلت عن أهلها وأتت مكانا شرقيا من دارها، أو من بيت المقدس، أي اذكر لقومك ما جرى لها إذ انتبذت (فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا) أي استترت وتوارت منهم، (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا) أي جبريل عليه السلام، (فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) أي فتصور لها على صورة إنسان سوي الخلق كامل البنية، روي أنه تمثل لها في صورة شاب جميل أمرد وضيء الوجه، (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ) أي ألتجئ إليه أن يحفظني منك، لأنّها كانت خائفة منه إذ فاجأها في مكان منفرد عن أهلها، (إِن كُنتَ تَقِيًّا) أي إن كنت ممن يتقي الله فابتعد، فقد ذكرتك بالله، (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) أي ملك مرسل من ربك الذي تعبدين، والذي يتولى أمرك، وهو الذي استعذت به مني، ولست بشرا تتوقعين منه الشر (لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا) لأكون سببا في هبة غلام طيب لك، وقرئ: "لِيَهَب"، أي الله عز وجل، (قَالَتْ أَنَّى) أي كيف (يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) أي بطريق الحلال (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) أي زانية (قَالَ كَذَلِكِ) أي كذلك الأمر،  يفعل الله ما يشاء لا راد لأمر الله، (قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) أي سهلٌ علي إيجاده بقدرتي من غير مباشرة بشر، (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) أي علامة يستدلون بِها على عظم قدرتنا (وَرَحْمَةً مِّنَّا) أي إحسانا عظيما بأن نجعل هذا الغلام نبيا من الأنبياء، يكون سببا لهداية الخلق (وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا) أي كائنا لا محالة، لأنه مقدر مكتوب في اللوح، (فَحَمَلَتْهُ) وذلك بعد أن دنا منها جبريل ونفخ في جيب قميصها، فنفذت النفخة في جوفها (فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا) أي اعتزلت به بعيدا عن أهلها، وذلك عندما أثقلت، فاستحيت وهربت حياء من قومها (فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ) أي ألجأها الطلْق، وهو وجع الولادة، إلى جذع نخلة، والمراد نخلة معينة، وإن لم يعلمها المخاطبون بالقرآن (قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا) أي قبل هذا الذي لقيت، استحياء من الناس، وخوف ألسنتهم (وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) أي شيئا تافها لا يُعتدُّ به (فَنَادَاهَا) أي جبريل (مِن تَحْتِهَا) أي من مكان أسفل منها، وقرئ "من تحتَها"، والمراد به جبريل، وقيل: الغلام الذي ولدته، أنطقه الله حين الولادة (أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) أي جدولا من ماء (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) أي حركيه يمينا وشمالا، إليك أي إلى جهتك (تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) أي تُسقطْ عليك رطبا مجنيا، والرطب نضيج البُسر (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا) أي طيبي نفسا ولا تحزني، وأصله من القر وهو البرد، لأن دمعة السرور باردة (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا) أي صمتا وإمساكا عن الكلام، أي إن سألك أحد عن شأنك وما جرى لك فلا تجيبيه، (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) أي آدميا (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ) أي ولدها (قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا) أي عظيما (يَا أُخْتَ هَارُونَ) هو رجل صالح في بني إسرائيل، يعنون أخته في الصلاح، وهذا منهم على سبيل التهكم بِها (مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) أي أنت من بيت طيب طاهر معروف بالصلاح والعبادة، فكيف صدر هذا منك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق